في عناصر الموقف الفلسفي

8.7.08


" فى عناصر الموقف الفلسفى "


بقلم :أحمد حمدى



الموقف الفلسفي يتخطى حدود الزمان والمكان و الحدث , فلا تقدم الفلسفة إجابات أو حلولًا و إنما محاولات جادة ومستميته من اجل الوصول لحلول , او لافكار تساعدنا فى تمثل الحلول , فينبغي أن نتذكر دائما ونعرف كيف نعود للموقف الفلسفي الأصيل ؟ وكيف نخرج منه بشيء يفيدنا في حل مشكلاتنا الملحة ؟
وتتحدد عناصر الموقف الفلسفي في الآتي:
1- ( ما سنسميه الظا) ( كلمة هندية من اليوجا تعنى الوصول للاسترخاء التام من اجل التركيز والتامل وهى تعد الحد الفاصل بين الحياة الطبيعية والحياة التاملية ) ذلك الهدوء , وتلك الوقفة التي ننظر فيها من بعيد , لنقوم بدور المتفرج الواعي . ولذلك نجد الفيلسوف الصادق فى كثير من الاحيان يفضل القيام بدور المتفرج لا المشارك فى صناعة الاحداث ولعل ذلك ما تم استغلاله من قبل السلطة فى تهميش الفيلسوف .
2 - ( الصدمة ) إحساس مفاجئ بالدهشة من كل شيء , حتى لو كان بسيطا أو اعتدنا عليه فيما سبق. ويعبر جوستاين جاردر عن ذلك فى روايته عالم صوفى بان الفيلسوف يتعامل مع العالم وكانه غريب عنه وكأنه أتى من عالم آخر .
3- ( السؤال ) طرح الأسئلة والتأكد من أنها أسئلة فلسفية تسال عن الأصول , الما وراء , الجوهر , تتجاوز الحدث والزمان والمكان . وهذا ما أشارت اليه جهاد باقتدار فى حديثها عن السؤال .
4 -( الرحلة ) رحلة البحث الفلسفي عن إجابات حقيقية وهى رحلة مفارقة , وهى تنطلق من إيمان عميق بالقدرة على الوصول لإجابات حقيقية مطلقة يقينية لتلك الأسئلة الفلسفية التي تقلق نومنا وراحتنا فيقف الفيلسوف صلدا مضحيا بكل ما يملك من اجل الوصول للحكمة و الحقيقة يوما ما .
لكن الفيلسوف يعرف جيدا انه لا وجود لإجابات تمثل حقائق مطلقة يقينية وان رهانه على الوصول لها رهان خاسر من البداية
ان جوهر لعبة الفلسفة هو ذلك الرهان الخاسر على وجود حقيقة لاوجود لها

فالرحلة الفلسفية ينبغي أن تكون للفيلسوف ( من الداخل ) وسيلة للوصول للحقيقة التي لاوجود لها ولكن إذا تأمل رحلته من بعيد ( من الخارج ) سيرى أن الرحلة في حد ذاتها غاية – على حد تعبير باولو كويلهو فى ساحر الصحراء - والنظر للرحلة الفلسفية على أنها وسيلة للوصول للحقيقة مجرد ضمان لاستمرارها فأثناء تلك الرحلة يتطور الإنسان ومن ثم الإنسانية إلى حياة أفضل وتنجز ما لم تكن تحلم يوما ما بإنجازه .
5 - التقاطع (الاستبطان والمعايشة ) مع رحلات الآخرين:
فلما كانت آلية التطور الفكري والروحي للإنسان معتمدة دائما على وجود آخر ( فعل ورد فعل) لذا يحاول الفيلسوف بين حين و آخر أن يتخارج معبرا عن ما وصل إليه من فلسفة بأي أسلوب اللغة الفن ...الخ . أظن أن هذا يجعلنا ندرك أن تاريخ الفلسفة ليس فرعا من التاريخ بقدر ما هو ضرورة ينطوي على أحد أهم عناصر الموقف الفلسفي المتمثل في التقاطع مع الرحلات الفلسفية للآخرين مع إهمال السياق التاريخي , إلا كمحاولة لتمثل ثقافة الفيلسوف المدروس ( الرؤية النقدية ) و كي لا اغفل أحد الآراء الهامة في تجديد الرحلة الفلسفية في عصر ما بعد الحداثة , وهذا الرأي يعتمد كثيرا على موقف نيتشه من تاريخ الفلسفة ويحاول استبطانه, قائلا ربما كان تاريخ الفلسفة مزدحما بالفلاسفة ومعقدا كما أن تاريخ الإنسان ينبئانا إننا نحيا مرحلة فريدة وجديدة على الإنسانية , مما يجعلنا نتحدث عن بداية صفرية للفلسفة نعيد فيها طرح الأسئلة من جديد , و ننقطع فيها عن تراث الفلسفة الماضي ربما يكون هذا أفيد لتطورنا الفلسفي . لكنني أقول أن الحديث عن بداية صفرية غير صحيح , لانه حتى لو توهم إنسان انه يبدأ من الصفر, فان رصيد خبراته الكامنة في لا وعيه يثبت العكس, لذا فان مرحلة التكوين لأي باحث في الفلسفة لابد أن يتقاطع فيها مع تجارب ورحلات فلسفية اخرى , حتى يصل إلى المرحلة التي تتطلب بداية صفرية .



1 Comment:

Unknown said...

رائع ذلك التحليل ..
لكن ما الفائدة من الفلسفة إذن إذا لم تكن تؤدي إلى حلول وإجابات ، واقتصرت فقط على المحاولات المستميتة في سبيل الوصول ... !!!