9.7.08


خرق الأنا

الإنسان مخلوق يصنع سجنا و يسميه نظاما ، يصنع إعتدائا ويسميه حرية ، يصنع الكره و يسميه الحب ، يصنع النفاق و يسميه المجد ، يصنع السلاح ويسميه السلام .
هذا هو ما يصنعه الإنسان العام ، أي لا تستطيع أن تمسك بفرد معين و تقول أنه يفعل ذلك ، لكن الإنسان الفرد المسمي بإسم فلان وفلان تجد أفعاله مثل ذلك لكن في أحوال أخري تشمل فقط حياته النفسيه و الإجتماعية وإن كانت السياسية . السؤال هنا لماذا الإنسان لايجيد تسمية أفعاله، هل لقصر نظره و عدم فهمه لهذه الأفعال فهما حقيقيا أم أنه يقصد بالفعل إعطاء اسماء لهذه الأفعال علي غير حقيقتها .
لنأخذ الحالة الاولي و هي قصر نظرالإنسان و هذه الحالة طبيعية أكثر من كونها إصطناعا و هي إنفصال الفعل عن إدراك الفعل مما يولد نوعا من الجهل بطبيعة هذا الفعل وليس ذلك فقط بل يولد ايضا نوعا من غياب الفصل الحقيقي بين الافعال عند الآخرين مما يرسم صورة علي المكان تعتريها الفوضي .......
اما الحالة الثانية وهي تعمد الإنسان تبديل المسميات وهذا ما يحدث علي اغلب الأحوال ، هنا سؤال يتبادر إلي ذهني لماذا الإنسان كذاب ؟ حتى أن في معظم الوقت الإعتراف بالعيوب – بالطبع هي بعض الدوافع النفسية التي لا يستطيع التخلي عنها و تجعله يفعل افعالا لايقبلها الحشد الإجتماعي – من أجل خداع الآخرين ، الإنسان يكذب دائما من أجل ذاته في علاقته مع الحشد الاجتماعي أي حتى لايكون منبوذ إجتماعيا ، او يعاقب كما يعاقب غيره علي نفس الافعال فيحاول ان يجمل افعاله ويضغط على ذاته ، إذا الإنسان يعيش و صورة الأخرين المعاقبون امام عينيه دائما لا يفعل إلا مايراه محمودا إجتماعيا .........
هل بذلك الإنسان قد عرف نفسه بالفعل، عندما يزور كل شيء و لا يطيق العيش بدون المدح الإجتماعي المزور أيضا و يرسم لشخصه نظاما ( سجنا ) و يسميه ذاته و مبادئه و قوانينه الشخصيه يغش هذا النظام من المجتمع فيصبح مسخا من آخرين كثر .
أرى ان هذا النظام لا يطيق ايضا ان يلتزم به بمفرده و إنما يحاول إجبار الإخرين على إتباعه تحت مسمي المجتمع و العرف فيتدخل في شئون الآخرين كما يتدخل الآخرون بدورهم في شئوونه، وتدخله إما بالإعتداء علي الخصوصيات او التتفيه منها و كل هذا تحت مسمي نشر الحريات و الخوف من ان هذه الخصوصيات تؤثر على الحرية التي يراها سلبا فيتدخل فيها محاولا تعديلها وفقا له او محوها من الأساس .
وعلى هذا الأساس في سن القوانين و علي أثر ذلك التدخل في الآخرين كالفيروس حتي لا يخلوا بحريات غيرهم ، بذلك يصنع كسرا للعلاقات الإنسانية الصادقة فيرى الحب و الصداقة و العلاقات الاسرية مجرد اكاذيب مصطنعه تنم عن الخوف الاجتماعي .
وبذلك ينصب هذا الإنسان نفسه وصيا علي الآخرين يقومهم يلتمس نقاط ضعفهم ويدخل إليهم منها ، يدخل إليهم من الجوانب التي يشكون فيها و يزدهم شكا فوق شكهم ، فيصبح الآخرين بالنسبة له ككتاب مفتوح يقرؤه كما يشاء و يعبث به كما يشاء ومن هنا يصنع مجدا على العقول التي لا يزيد عنها في شيء بل الشيء الوحيد الذي فعله هو أنه كما انه مثله مثل غيره نموذج لضغط الحشد الإجتماعي إلا أنه تجاوز ذلك برؤيه عكسيه بالتحايل على هذا الحشد الإجتماعي و قراءة ما يفعله جيدا فيتفنن في إبداع ذاته كحشد إجتماعي يواجه به أفراد الحشد الإجتماعي .
ويحتفظ بجميع أساليب التعذيب النفسي كسلاح للدفاع عن نفسه و إكتساب أمنا و سلاما .
نري هل الإنسان يختلف عن كونه إنسان يضع و يغير و يعتدي و يتفه عن الفرد المسمى الذي يوجد بيننا ايضا يضع و يغير و يعتدي و يتفه . إذا كنت فرد تريد أن تجد هذا الفرد الذي يفعل ذلك فستجده أنت بالفعل و بدون مغالطة للذات ....

3 Comments:

كريم الصياد said...

نعم.أغلب الأفعال الأخلاقية في مجتمعنا مثلًا شكل من النفاق، ولكن كيف يتحول الفرد من منافق إلى مبدع شجاع؟

كريم الصياد said...
أزال المؤلف هذا التعليق.
جهادعبد الرحمن said...

انظر إلي فرد يستطيع فعل فعلين :الاول يعرف الاخرين معرفة دقيقة جدا و الثاني لا يضع نصب عينيه سوي ذاته فقط و ليس الاخرين هنا يستطيع ان يكون مبدعا نظرا لاعتباره ان لابداع يبدا من الذات و ليس من الاخرين ويكون شجاعا عندما يواجه الاخرين و هو يعرف ما هم عليه