شيء من الأدب2

17.9.08




كيـــــس ملــح


بلوري الشكل، أبيض اللون، في كيس متوسط الحجم مدون عليه بياناته ومدى جودته وعمره الزمني... وضع أعلى المنضدة وبجواره تلفاز صغير داخل المطبخ.
كيس ملح لأسرة تتكون من خمسة أفراد، أم وأب وفتى وفتاتين... تستيقظ الأم تتوضأ وتصلي ثم توقظ الأب فالأبناء... تبدأ في إعداد طعام الفطور، وتأخذ حفنة من الملح، يقبل الأب على الطعام ويُزد من الملح أمامه ويفتح التلفاز، يتمتم بكلمات غير مفهومة على الأحداث التي يسمعها ويشاهدها من خلال النافذة الصغيرة، تبدأ الأم في حديثه فيزيد من صوت التلفاز... تصمت الأم.
يبدأ الأبناء على التوالي في تناول الطعام، منهم من يزد الملح ومنهم من لا يزد، يطلقون دعابات طفيفة مع والدتهم، ثم ينصرفون بعد أبيهم.

تبدأ الأم في أعمالها اليومية حتى يأتي إعداد "الغداء" فتأخذ حفنة لتضعها في ماء اللحم لتصنع "شربة" تدخل في مكونات باقي الطعام.. وتأتي بالباذنجان فتضعه في الزيت، ثم تضعه في طبق وتزده بمزيج من الملح والليمون والثوم والفلفل والخل "دقة"، وتضعه على المنضدة بجوار كيس الملح والتلفاز. تذهب لأداء صلواتها.

يأتي موعد تناول الغداء، فتمكث الأسرة لتناول وجبتها المملحة، ومازال كيس الملح على المنضدة، يتناول البعض حفنة منه ليضعه على اللحم، والبعض يكتف بالباذنجان!
تنتهي الوليمة، ويتم افراغ المائدة من كل محتوياتها ما عدا كيس الملح. وكذلك في اعداد العشاء وتناوله... إلى أن جاء يوم استيقظت الأم وأخذت في البكاء المستمر فتساءل أفراد عائلتها عن سر البكاء اللامنقطع، وبعد صمت حزين وبكاء طويل، صرحت الأم بأن: "كيس الملح قد نفد".


رشا ماهر البدري

1 Comment:

3moda said...

قصة جميله....هل الملح يرمز الي لحظات الحياه التي تتسرب من ايدينا ام الي مخزون الحُب الذي يتناقص دون تعويض ام الي القدره علي الحلم ؟.
عماد امين