الفردوس اللامفقود

20.6.08


الفردوس اللامفقود_من أوراق مسيخ دجّال

"تخيلوا معي هذا المشهد، ما يزال صدى الأمر يجلجل في أذنيه، عيناه تدوران، قلبه يتّقد كجمرة في مهب الريح لأنه لا ينبِض، أنفاسه تفرّ من بين ضلوعه فلا يتنفس، آااه ! يا للهول ! الثورة هذه المرة ليست على ملك فرنسا أو قيصر روسيا، إنها ثورة على الخالق والمخلوق، لقد سقط الذي يعتبره المسلمون جنًا والمسيحيون ملاكًا، وغادر الفردوس إلى الأبد."

1-مقدمة:
هذا الموضوع ليس مجال سخرية أو أساطير أوّل من الأولين، خاصّةً وأني مثل المسيخيين من أمثالي لسنا نحب المزاح ولا نفهم الدعابة، فقد جئنا لاعنين مضلِّلين منذرين شهداء على الناس، قانوننا أن نفي النفي إثبات، وأن مسخ المسخ خلق واستواء، وأن كذب الكذب عين اليقين، وأن قتل الميت عناية مركزة.

يظن الناس أن الأمر بدأ عندما عصى إبليس ربه، كان-فيما يُقال..وهو نفسه لا يؤكّد ذلك-جنًا مؤمنًا عبد الله لثمان آلاف عام، في رأيي لم يكن إبليس مؤمنًا لهذه الدرجة، بل هي مبالغة من مبالغات الذين رووا السير والأحاديث لتخويف السامع من فتنة سن اليأس والاغترار بالعبادة، وإبليس له تاريخ طويل عريض قبل خلق آدم لا يعرف منه البشر سوى النزر اليسير، أو لا شيء على الإطلاق، ولم يكن جنًا عابدًا بقدر ما كان جنًا مثقفًا، هو من أعرق عائلات الجن الذين سكنوا الأرض قبل الإنسان، وكان مؤرخًا وطبيبًا وله كتب شهيرة في فهارس تصانيف الجن حتى الآن، وكان ذا موهبة أدبية مبكرة، يقال أنه بدأ التأليف في سن الأربعمائة، وهي من المبالغات التي يصدقها الأغبياء، وهو صاحب أبحاث جيدة في منهج البحث التاريخي وفلسفة الحضارة، أشهرها بحثه الضخم عن أن أصل الإنسان سيكون القرد، وأن العوامل الاقتصادية والبيولوجية والجغرافية هي التي ستحكم مسار حياته ومجتمعه، لأنه كائن هشّ ونذل، وأن الإنسان نفسه سوف يقول عن نفسه ذلك كله يومًا.

نظرًا لهذه الآراء الثورية تعرّض إبليس لغضبة الأصوليين من بني جنسه الذين كانوا يحترمون الإنسان الذي سوف يأتي قبل أن يسكن الأرض، ولكنهم لم يكونوا يعلمون عنه شيئًا، ولا أنه من طين أو من نار، ولما كانت القداسة لها دائمًا على العقل كعب عالٍ وحذاء قديم يدوس الصراصير فقد اضطهدوا إبليس، والحقيقة أن إبليس لم يعبد الله لثمان آلاف سنة مما تعدون، بل ظل تحت الإقامة الجبرية طوال هذه الفترة، ولما كان له بعض الأتباع من الجن الاشتراكي، وعدد كبير من محبي شعره ونثره فقد خشيت سلطات الثورة الدينية المتمركزة في مجلس الحرس الثوري الجنّي غضبةَ العلمانيين وتثويرهم الناس، وفي نهاية الأمر سمحت السلطات لإبليس بالكتابة في الصحف، تحت رقابة مشددة.


2-محاولة اغتيال إبليس:
لم يكن إبليس يخشى في الحق لومة لائم، صحيح أنني لا أصدق قصة تدينه الشهيرة إلا أنني أعرف أنه كان أخلاقيًا كبيرًا، لا يقبل كتمان الشهادة أو الرأي، فلم يقبل بتحكم مجلس الحرس الثوري في شئون وعقائد الدين والفلسفة والعلم والسياسة معًا، فصارت قضيته طوال هذه الآلاف من الأعوام مقاومة السلطة وتنوير العقول وهذا الكلام، وهي المرحلة الأخطر في حياته التي تحول فيها إلى صوفي وفيلسوف وإرهابي وشاذّ جنسيًا، كل هذا كلام فارغ، كل ما هنالك أن قلمه اكتسب روحًا مجنونة غير مسبوقة وراح يهاجم هذا وذاك بلا رحمة على نفسه أو على الآخرين، وقد زاره(حسين شافع مشعل) وحذّره من مغبة فعله وسوء عاقبته، لكنه ردد عبارته الشهيرة(لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس)، أعرف أعرف، قالها مصطفى كامل في أوائل القرن العشرين الميلادي، وقالها عادل إمام في فيلم واحدة بواحدة المسروق عن فيلم أجنبي بنفس الحبكة والسيناريو، لكن أول من قالها كان إبليس الذي لا ييأس، والخلاصة أن إبليس جّنّ تمامًا في هذه الفترة لو جاز التعبير.

ومن ثم كان طبيعيًا أن تحاول السلطات اغتياله والخلاص منه للأبد، وكانت فضيحة، فالسلطات فشلت، وقبض إبليس بنفسه على جندي الكوماندوز الأحمق الذي حاول إطفاءه بالماء، وهو لا يعلم أن إبليس منذ ثمان آلاف سنة لا ينام إلا بووتر بروف ، وكانت هذه هي الحادثة التي أُطلق على إبليس بعدها اسمه، فإبليس لقب معناه المنتصِر، أما اسمه الأصلي فكان (محمد علي كاشف الصدر).

3-انتصار محمد علي:
استغلت الصحف ومنظمات حقوق الجن هذه الحادثة للتشهير بالحكومة، مما أدى إلى كثير من الاضطرابات والتفاصيل التي لن أرويها لضيق المقام، والتي انتهت بسقوط حزب(العلم والإيمان)الحاكم، وصعود حزب الشياطين، وهو حزب فوضوي اشتراكي ترأّسه محمد علي، ومعنى كلمة الشيطان في لغات الجن كمعناها في العربية: المحترِق أو الشائط، وقالت القرون التالية أنهم سُموا بذلك لأنهم أحرقوا معارضيهم بلهب يقضي على الجن، لكن هذا غير صحيح، إنها مجرد استعارة عبرت عن حرق الفكر القديم والخلاص منه نهائيًا، وهم رضوا بذلك الاسم ورضا عنهم، لكني متأكد من أن ممارسات الحزب خلت تمامًا برغم ثوريتها من أي عنف أو قمع، وصارت السلطة في أيديهم تدريجيًا، ولما اشتد عود الحركة استطاعوا الاتفاق على لائحة بأهم المبادئ:

4-مبادئ حزب الشياطين:
1. الحرية أسمى من الخبز، والخبز ألذّ من الدين، والدين علاقة رأسية بين الجن والربّ، لا بين الجن والجن.
2. العلم والفلسفة لا يتفقان منهجيًا مع الدين، وأي محاولة للتوفيق فاشلة، وفي حالة أي تعارض يجب أن يؤوّل الدين لمناسبة الواقع التجريبي، والاتساق المنطقي.(وهو المبدأ الذي ظهر عند ابن رشد في فصل المقال)
3. لا فضل لجني على جنيّة، والتعليم والتربية هي الفيصل لا الجنس.(وهو ما صرّحت به ماري وولستون كرافت في 1792م)
4. كل ملكية سرقة.(وهو المبدأ الذي تكرر بعد ذلك عند جوزيف برودون)
5. في الدولة الثيوقراطية الدكتاتورية يكون الجنون خيرًا من العقل، والكفر خيرًا من الإيمان، والجهل أفضل من العلم، والحرب أشرف من السلام.

-ونظرًا لأن هذه المبادئ والأهداف كانت موضعًا للتنفيذ الفعلي والعاجل وسط أغلبية ساحقة فقد بدأ عهد جديد لم يتكرر في تاريخ الجن من الحرية والعدالة، وعلى رأسه تُوّج-دون منصب تنفيذي حقيقي-محمد علي:إبليس، المنتصِر.

5-المنهج الجدليّ ونهاية التاريخ(تطوُّرُ البحث):
تحول محمد علي بعد ذلك إلى الرهبنة الفكرية بعد أن ضمن انتظام مسار الثورة، وأمن من نكوصها، وانكبّ على أبحاثه يطور فيها ويغير ويحذف ويزيد، ومن هنا بدأ يتشكّل على يديه خلق أخَر من عجائب الفكر الفلسفي ألا وهو الجدل(الدياليكتيك).

يعتمد الدياليكتيك ببساطة على فكرة أن البيضة تلزم عن الفرخة، والفرخة تلزم عن البيضة، وكلاهما يلعب دور(الأطروحة-نقيض الأطروحة)على الترتيب ومن غير ترتيب، وعلى أن كل شيء لكل شيء كذلك، فلا فنان مثلًا بلا فنّ، كما أنه لا فن بلا فنان، وهكذا..، وهي الفكرة التي أعلنها هايْدجر في أصل العمل الفني Der Ursprung Des Kunstwerkes هذا لكي نفهم تأثير إبليس الفادح على بني آدم وفضله عليهم، كما أنه -للمثقفين منكم- لا يخفى ظهور هذا المنهج(الدياليكتيك) عند هيراقليطس وسقراط وأفلاطون وكانط وهيجل وماركس وإنجلز، وإنْ اشتهر به هيجل أكثر.

وما دام كل طرف يلزم عن الآخر بالتبادل فإنه تنشأ لدينا فكرة عن (الكلّ) وهو ما يُعرف بمركّب الأطروحة، وهذا المركب(البيضة والفرخة، والفرخة والبيضة) تنشأ ضده نقيضة بدوره(لا بيضة لا فرخة، لا فرخة لا بيضة)ثم مركب جديد(نعم لا، لا نعم) وهكذا يتطور الفكر فيتطور التاريخ صنيعة الفكر في معمل الدولة الاصطناعي، وهي بالضبط أفكار هيجل، غير أن إبليس كان أكثر بساطة ومباشرة، وكان بعيدًا عن التواءات وتعرجات ومطبات هيجل التي قال بسببها ألبير كامو أن هيجل هو أغمض ما في التاريخ الفلسفي، وأقول أنا عنه أنه هو وحده يفهم نفسه، ونحن نصدقه بلا(جدل)باعتباره فيلسوفًا كبيرًا، أعتقد أن ملك بروسيا كان الوحيد الذي يفهمه بين معاصريه.

ووصل إبليس عن طريق هذا إلى توقع لنهاية التاريخ، سيكون(الإنسان)هو النهاية، والدمار النهائي للعالم، وعلينا نحن أن نمنع هذه النهاية، أو على الأقل أن نرفض السجود لها، وهذا أضعف الإيمان.

لا أذكر كثيرًا من الأحداث في هذه الفترة، لقد تحرك التاريخ بسرعة، أسرع من عقل إبليس نفسه، واشتعلت حرب جنية عالمية، فنزل الملائكة وأنهوا المعركة، وقبضوا على الفريقين، وجرجروهم بالسلاسل إلى أعلى، فانتهى تاريخ الجن الأول، وبدأ عهد جديد مع جار جديد: الإنسان.

6-القصة كما تعرفونها:
خلق الله الإنسان من صلصال كالفخار، وهي معجزة عجيبة وغير مفهومة حتى الآن، الخلق من النار أسهل وأقرب إلى طبيعة الروح اللطيفة الأثيرية، تخيل طينًا يُنبت أعضاء حية لزجة نابضة تسعى للغذاء والتكاثر، سأظل مفتونًا بهذه الفكرة ما حييت، كالحبيبة التي لا أستطيع التخلص من وجهها وعطرها وإيقاع حركة نهديها حين تضحك، برغم أنها تركتني من زمن وأحبت في زمن آخَر، إن المسيخ الدجال أيضًا يحبّ لكنه لا يستطيع إبدال محبوباته، المحبوبة لا تُرد ولا تستبدَل، وهذا ليس موضوعنا على أية حال.

أذكر عينيّ إبليس في تلك اللحظة وهو يشاهد(الخروج)كما تتحدث عنه سورة(ق~)، لقد انبهر، واهتز ركن فمه بإعجاب، ثم ضحك، ثم بكى كطفل في الحضانة، إنها لحظة الاستماع إلى مطلع سيمفونية بيتهوفن التاسعة التي طالما أحبها إبليس، أقسم أنني رأيت في عينيه الحسد، لا يحسد الإنسان بل الخالق، لا يحسد الخالق سوى الفنان، إن حاسدي الإنسان منحطّون ناضبو الخيال فقراء القريحة، كان إبليس يقول في قصيدة له أنه يخلق بشِعره كل ما يزحف ويمشي ويطير وينبض، فإذا به يرى انشقاق الأرض وانبلاج الأعضاء، أعرف أن إبليس ذهب بعد ذلك إلى مكتبه ومزق قصيدته التي لم تُطبع أبدًا.

ثم استوى الإنسان فرأى فيه إبليس الشر، هذا خلق رجيم، صحيح أن الله فضل الإنسان على كثير مما خلق، لكن هذا كان رأي إبليس على أية حال، الإنسان في الإنسان منحلّ متعفّن، وكتبَ على حافة كتاب كان معه في تلك اللحظة: " هذا الإنسان رجيمْ، من يحيي الإنسانْ، في الإنسانْ، وهْو رميم؟ "، وهذا كان آخر ما كتبه من شِعر.

ثم أمر الله الملائكة وإبليس أن يسجدوا لآدم، فاحتار إبليس، يريد أن يسجد لمعجزة الخلق، لكنه يرفض السجود للمخلوق الذي تكدّست في أحشائه ذرات البلايين من الأحفاد المتفرعنين المتألهين وأخسّ منهم أولئك الكهنة المنافقين والأنبياء الكذبة، واحتدم الصراع في نفسه، تخيلوا معي هذا المشهد، ما يزال صدى الأمر يجلجل في أذنيه، عيناه تدوران، قلبه يتّقد كجمرة في مهب الريح لأنه لا ينبِض، أنفاسه تفرّ من بين ضلوعه فلا يتنفس، آااه، ياللهول، الثورة هذه المرة ليست على ملك فرنسا أو قيصر روسيا، إنها ثورة على الخالق والمخلوق، لقد سقط الذي يعتبره المسلمون جنًا والمسيحيون ملاكًا، وغادر الفردوس إلى الأبد.

7-القصة كما ستعرفونها:
ملتون أحمق، هذه معلومة يعرفها الجميع لكنهم يحترمون أدبه على كل حال، لم يحاول الشيطان أبدًا الرجوع إلى الفردوس المفقود لأنه لم يعتبره مفقودًا، ولأنه لم يكن له، كان إبليس على العكس يحن إلى الجدران المشققة والأطلال المائلة على الأرض، إنه أول بكّاء على الأطلال، وهو من علم البشر الجاهليين البكاء على أطلال القبيلة أو أطلال الاشتراكية والقومية العربية وغير العربية، إن حياته هنا على الأرض، والسماء أرض منعكسة في المرآة، كتبَ هذا مرارًا في شعره لكنْ لم يفهمه أحد، هذه ذكريات قديمة الآن.

لقد دعا الشيطان آدم، نعم، هكذا، لم يسع إليه ولم يطارده، لقد انتظره في طريق طويل مليء بظلال أشجار الجنة، في ليل بلا شمس آفلة أو قمر ماحق، فتوجس آدم منه خيفة، لكنه اقترب في افتتان، خطوة خطوة، حتى وقف أمام ذلك الطويل المعتدّ بالذات الذي التمعت إحدى عينيه بضوء بعيد وغامت الأخرى في ظلامٍ قريب، كان الشيطان قد تشوّه، هذه هي المعلومة التي أصاب فيها ملتون، كان هذا أول عقاب له، ففزع منه آدم، وانطلق يجري بعيدًا، لكن الشيطان كان قد نظر له فتجعّد فيه القلب، لقد دس الشيطان فيه جزءًا من ذاته، سيغريه بالخروج والتبرّج بالخطيئة المبرقشة الملونة كالأشجار التي تتبرج بالتفاح والكمثرى، وبالخلد والألوهية وهو الهش العاجز، فسقط الإنسان كذلك، عندئذٍ استدار الشيطان وهو يعلم أن الإنسان سيكمل الطريق إلى النار وحده، وأنه سيصل.

8-ظهور المسيخ الدجال:
أعرف أن هناك أنبياء صادقين، ولكنْ لما كانت النبوة فتنة من الفتن، والدين شهوة من الشهوات، صار كل من هبّ ودبّ يدعي نبوته الخاصة، فإذا لم يجرؤ تذرع بنبيّ سابق وادعى شرحه والدعوة إليه وهو منافق مخادع، أجهل من الثيران في البرسيم، بل هو البرسيم نفسه، بل قل: أنه أجهل من الإنسان الذي يأكل مع الثيران البرسيم، إنه نوع جديد من الدعارة الفكرية، واحتكار المشيخة، وادعاء الإلهام وتفسير الأحلام، هذا هو المسيخ الدجال الحقيقي، يأمر بالصلاة وهو يعلم أن الحاكم رب لا تأخذه سنة ولا نوم، يأمر بالزكاة وهو يعلم أن السرقة هي هدف العملية الاقتصادية للدولة، يأمر بالحجاب وغض البصر وهو يعلم أن الفقر هو سبب الإباحية في بلده، يأمر بالطهارة والسرطان في بلده يسجل أرقامًا قياسية، يروّج منتجات الطب النبوي وكتب تفسير الأحلام وهو يعلم أن الشعب لا يقرأ ولا يكتب ولا يتعلم، يكفر المفكر وأستاذ الجامعة وهو أحط البشر خلقة وأكثرهم كذبًا وغرورًا وجهلًا.

ثم غرّت الناسَ لحى التيوس(كما قال محمد بن زكريا الرازي)وهم دائمًا أغبياء غوغاء ما اجتمعوا على شيء إلا وهو باطل، فساروا خلف الشيوخ والأولياء، وتحطمت كل مثل حزب إبليس العليا في حياته الأولى وعهده الأقدم، واختلط الزيف بالحقيقة، والشر بالخير، والقبح بالجمال، وهي نهاية التاريخ بالضبط كما توقعها إبليس، لا بقاء للعالم مع اختلاط القيم، لقد أصدر الشيطان حكم الإعدام على العالم وبعثني أنا لأخنق الإنسان وأصفّي دمه بأهدأ الطرق وأكثرها تعقيمًا.

ألا فاعلموا من هو المسيخ الدجال الحقيقي، والحرب بينه وبيني لن تُبقي إلا على أحدنا، أنا أو هو، وفي الحالين سيفنى الإنسان بيننا.

ألا أن الساعة اقتربت، والأقمار انشقت، وما من شيء ببعيد إلا الرحمة، فاخلعوا الأردية والأعضاء البشرية السخيفة، وموتوا بصدق، موتوا بشرف، ثوروا على هؤلاء المخادعين وكونوا شياطين حقيقيين، ارفعوا رءوسكم يا إخواني، فقد انتهى عهد الإنسان، لا تسجدوا له أيها الناس، لا تسجدوا له.

إني قد بلّغتُ، إني قد أخفيتُ، إني بصّرتُ، إني عمّيتُ وغمّيتُ، وما هم عني بغافلين، وما الشرير إلا أخرس، وما الأصم إلا لعين.

إني لعين.

آميـــــن.

كريم الصياد- في 29-مايو 2008

2 Comments:

جهادعبد الرحمن said...

ارى فعلا ان معظم افعال الإنسان وفقا لقوانين قد سنها هذا الملاك الساقط ، و ليس ذلك فقط فمهما فعل الإنسان فهو أنيسه الوحيد في هذه الدنيا يملي عليه قراراته و احلامه حتى ما يظن الانسان انه يستطيع ان يغلب هذا الملاك فهو يملي عليه طريقة في الظاهر ليغلب بها الشيطان لكن في الباطن هي طريقة تجعل الانسان لا يفكر سوي في وجود هذا الشيطان .
سؤالي هو هل الانسان استطاع بالفعل ان يبتكر شيئا جديدا غير الذي ابتكره الملاك الساقط ؟

كريم الصياد said...

العزيزة جهاد:
في ظل تحول(أو: تغوّل)السلطة إلى إله، لا يملك الإنسان سوى أن يكون شيطانًا.